سوشال ميديا

هل يمكن تعلم فن التسويق تعلم ذاتي؟ ومن أين يمكن البدء؟

تسويق الذات

التسويق عالم مبهج، يستحق أن ندخل إليه ونستمتع بمعرفة أسراره وخفاياه؛ لكن أبرز تحدياته هو أن كثيرًا من المواد التعليمية المتاحة أون لاين عن التسويق، تشوّش على بعضها، ولا يستفيد منها أحد شيئًا، لأنها توضع غالبًا بلا سياق كقواعد مطلقة تطبق بغض النظر عن العوامل المحيطة، أو يتم استعراض جزء من المعلومة التسويقية بإسهاب شديد بينما يتم اختصار جزء آخر حيوي غاية في الأهمية فلا يأخذ حقه.

غالبًا ما ينتهي الأمر بمن تعلّموا بعض المصطلحات التسويقية أن يضعوها كيفما اتفق ظنًا منهم أن هذا هو التسويق الصحيح، وهذا أخطر ما في الأمر؛ إذ يقفز الشخص فجأة من مرحلة البحث عن العلم إلى مرحلة الجهل المركب.

قد تبدو هذه المقدمة محبطة، لكنها تحذير كان لابد منه كي لا ننزلق أثناء رحلة السير نحو العلم الحقيقي الذي نستفيد منه ونفيد غيرنا.

الخبرات المتعلقة بالتسويق متشعبة ومتنوعة، مما يصعب جدًا مهمة الإحاطة بفنها وفهمها كعملية تعلم ذاتي؛ كما أن هناك شق مرتبط بالتجربة الميدانية والنطاق الجغرافي.
ويتحكم في التسويق كذلك التغييرات التي تطرأ على مناخ السوق وتحول أنماط سلوك المستهلك وغيرها، لكني سأشارك معك بعض الإضاءات التي أثق أنها تشكل نقطة البداية لرحلة ممتعة لتعلم هذا الفن الجميل. ولنبدأ فورًا بإجابة سؤال:

ما هو التسويق؟

هناك عشرات التعريفات ستجدها أون لاين، منها على سبيل المثال:

التسويق هو مجموعة من العمليات أو الأنشطة التي تعمل على اكتشاف رغبات العملاء وتطوير مجموعة من المنتجات أو الخدمات التي تشبع رغباتهم وتحقق للمؤسسة أرباح خلال فترة زمنية مناسبة.

وبحسب تعريف الجمعية الأمريكية للتسويق هو: النشاط ومجموعة البرامج والعمليات التي تهدف لإنشاء ونشر وتبادل عروض لها قيمة للمستهلكين والعملاء والشركاء والمجتمع ككل.

تعريف معتمد عام 2017

التسويق في معرفتي الشخصية هو ببساطة اكتشاف قيمة وإيجاد سوق لترويجها للناس بشكل جذاب يخاطب مشاعرهم ويعدهم بتحقيق المتعة أو تجنب الألم.
والخطأ الشائع هو الخلط بين التسويق والبيع؛ صحيح أن البيع جزء من التسويق، لكن عملية البيع أصغر وأبسط بكثير من عملية التسويق.

تخيل أنك كيميائي قضيت عشرين عامًا من الأبحاث والتطوير حتى اخترعت مادة تحول التراب إلى ذهب؛ الآن أنت على وشك أن تصبح أغنى شخص في العالم؛ هذا هو أنت كخبير للتسويق؛ تستطيع بخبراتك العميقة أن تجعل من منتج مجهول حديث المدينة وتحقق لصاحبه الأرباح الطائلة؛ لكن لابد أن يكون المنتج قيمًا بالفعل وإلا تحوّل التسويق إلى احتيال.
إذن عرفنا أن التسويق هو اكتشاف قيمة وإيجاد سوق لها.

ولنبدأ بالتعرف على بعض أساسيات التسويق؛ أساس التسويق هو القيمة؛ والقيمة قد تكون:

  • منتج قيّم
  • خدمة قيّمة
  • قيمة معنوية

كل قيمة لكي تخرج إلى الناس لابد أن تشكل لها المزيج التسويقي لكي تصبح جذابة للناس؛ ويسميه الخبراء 4P’s

  • المنتج Product
  • السعر Price
  • العرض Promotion
  • المكان Place

والآن لنطبخ معًا مزيجًا تسويقيًا لقيمة اكتشفناها للتو ولتكن: جهازًا جديدًا يستطيع أن يشحن ثلاثة أجهزة في وقت واحد؛ يشحن هاتفًا؛ وساعة ذكية؛ وسماعة لاسلكية.

إذن لدينا المنتج الذي فيه ميزة تعالج مشكلة لدى كثير من الناس وهي كثرة الأجهزة التي تحتاج إلى الشحن والاضطرار إلى التبديل بين المقابس والغوص في الأسلاك لاختيار الشاحن المناسب لكل جهاز.

بعد التأكد من مطابقة الجهاز للمواصفات القياسية والحصول على الرخص اللازمة ننتقل إلى اختيار السعر؛ لابد من القيام بتحليل السوق ومقارنة جميع الشواحن من حيث قدرتها على القيام بما يقوم به هذا المنتج ومقارنة الأسعار والجودة للوصول إلى سعر يمثل الفرصة السانحة للمستهلك.

بعد اختيار السعر ندخل إلى العرض؛ ما هو عرضنا المُغري للمستهلك؟ ولماذا عليه أن يهتم بهذا المنتج بهذا السعر؟ العرض الترويجي دائمًا يقوم على فكرة يمكن تبسيطها في عبارة: لقد قاربت الكمية على النفاد.
والفكرة تسمى اصطلاحا FOMO أو الخشية من فوات الفرصة؛ وهي تستخدم بكثرة للفت انتباه المستهلك إلى منتج ما.
لذلك يمكن طرح المنتج – الشاحن الثلاثي – بخصم خاص يصل إلى 20% لمدة عشرة أيام؛ وهنا يأتي الركن الرابع من المزيج التسويقي وهو: المكان

أين سنقوم ببيع المنتج؟ هل يباع أون لاين أم على الأرض؛ هل هو حصري لمحلات بعينها أم في كل مكان؛ هل خطوط التوزيع منسقة مع العرض لتلبية الطلب أم لا؛ وهكذا يتم تحديد المكان مع دراسة الأمر من كافة الجوانب.

هكذا نكون قد طبخنا سويًا أول مزيج تسويقي لمنتج وبدأنا نتخيل إلى حد معقول كيف هي عملية التسويق.

كما لاحظتم الموضوع طويل جدًا، ولو استطردت فيه فسوف تدخل هذه الإجابة موسوعة جينيس للأرقام القياسية؛ لذلك سوف أحيلك إلى موقع رائع للتسويق؛ فيه كل الأساسيات التي يحتاجها الباحث عن تعلم هذا العلم المبهر؛ كما يتيح الموقع للمهتمين فرصة دراسة التسويق عبر عدة مستويات تعليمية؛ والأجمل أن الموقع يسمح لك بممارسة عمل مسوق حقيقي من خلال طرح بعض الحالات التي يطلب منك معالجتها تسويقيًا ويعطيك التقييم لجهدك وما ينقصك للقيام بالمهمة.
للأسف الموقع متاح فقط باللغة الإنجليزية؛ أتمنى ألا يكون ذلك عائقًا لك.

ملاحظة:

هذه الإجابة في حد ذاتها تعتبر عملية تسويقية؛ هل لاحظتم أنني بعد أن اكتشفت القيمة التي هي هذا الموقع؛ أخذت أشرح لكم مزايا الموقع ولماذا ينبغي عليكم زيارته؛ ثم وضعت لكم الرابط مع دعوة لاكتشافه؛ وهذا الأمر يوضح لكم إلى أي مدى التسويق يدخل في كل شيء نقوم به.

مصادر:

خالد صافي

خالد صافي مختص في التسويق الرقمي ومدرب خبير في الإعلام الاجتماعي، حاصل على لقب سفير الشباب الفخري من وزير الشباب والرياضة التركية، حاز على جائزة أفضل مدونة عربية لعام 2012 من دويتشه فيله الألمانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Protected by WP Anti Spam
زر الذهاب إلى الأعلى