عين على فلسطين

يوميات الغزازوة في الحرب:أبو اصبع وشركاه

اسمي أبو اصبع طويل شوية وأسمراني و.. ما بيلزم تعرف أكتر عن شكلي لأنك حتى لو شفتني مش راح تعرفني، من سكان المنطقة الحدودية.. وحتى لو عرفت مكاني ما راح تعرفني، شغلتي بصراحة مزعجة لناس كتير بس همّا اللي فاهمين غلط، بيحكوا عني جاسوس بس همّا الجواسيس والخونة، ومش عشان بأحكي عن حالي، بس قسما بالله قسما بالله همّا اللي فاهميني غلط، عشان هيك بدي أحكي اللي صار معي وانتو احكموا بس ياريت تكونوا حقانيين..

أنا عايش عادي زيي زي الناس، في الظلم والقهر والحصار، ولا حدا بيقدر يزاود علي وعلى وطنيتي، ما بيكشف نقطة ضعفي إلا ناس قليلة، ع فكرة نقطة ضعفي هي عينيّ، مرة واحد من تبعون القسام شك فيّ لاقيت حالي ح أضيع، روحت بلغت عنه والحمد لله قصفوا البيت على راسه وراس اللي خلفوه، قبل ما يفشي سري، من يومها صرت مرتبط وإلي رقمي واللي ما بيعرف شو يعني مرتبط الكلام الجاي بيسهلها عليه.. 

الناس بيفكروني بحب إسرائيل وبدافع عنها، لا يا عم الوطني أنا ما بحب الذل اللي معيشينا فيها تعون حماس والمجرم عباس، ما تفكروا إني بحب واحد منهم، هما الاتنين في نظري سبب نكبتنا وكل بلاوينا، حبهم للكراسي هو اللي جابنا لورا من حماس لفتح لكل الفصائل، ع العموم مش وقت تنظير وفلسفة بس هادي نقطة مهمة لازم تعرفها عني، مش بدافع عن إسرائيل ولا بحكي عنهم جيش دفاع ولا شعب الله المختار، وهادا مفهوم غلط عند ناس كتير أنا بأدافع أولا وأخيرًا عن حالي وعن أولادي وبيتي وبحاول أأمن لهم عيشة كريمة.

شغلة تانية إحنا ما بنشتغل شركا، يعني ما بعرف حدا ولا حدا بيعرفني، وشغل كل واحد فينا من راسه لراس مسئول الخلية، بيضحك عليك اللي بيقولك هادا مكان تجمع إلنا وللا هادي بؤرة مشبوهة، وبيضحكوا عليكوا الداخلية لما بيحكوا لكو إنه الواحد فينا بيجيب عشرة، مش من مصلحتنا إنا نكشف حالنا لأي حدا حوالينا، وكل واحد فينا بيعرف إنجازات زملاؤه من أخبار الميدان.

بعد كل عملية ناجحة بتزيد رتبتي عند مسئول الخلية، وبصراحة أنا بحسد حالي على الذكاء اللي عندي وبحس إنه ربنا أعطاني ياه لشي مهم، عشان هيك بتلاقيني أتفنن في الوصول للضحية، اللي احنا بنسميها البضاعة، زمان كانوا الشباب ينعرفوا عشان وسائلهم بدائية، قال يجي يبيع سجاد وموكيت في شارع، والأهبل كل يوم يجي على نفس الشارع، ولاك يا غبي هو اللي اشترى امبارح بده يشتري اليوم؟ والمصيبة كان يكشف حاله لما يبيع تسأله المرة: قديش السجادة؟ يحكي لها ميتين وسبعين شيكل، تظل تحارف فيه لحد ما تاخدها بخمسة وتلاتين شيكل، أي والله باينة للأعمى.

كنت أشوف شوية هواة جدد ع الخط قال يبيع في الشارع المرصود خضراوات وإيديه لا هم إيدين مزارع ولا إيدين تاجر، ناس بتقول لشرطي سنة أولى مخابرات اكشفني واكسب مروحة هدية!

بجد أساليب كتير بدائية، حتى أنا رفضت فكرة مسئول الخلية موضوع الطلقة النارية جنب البيت المطلوب في هادي الحرب، هادول اليهود مجرمين بدهم أصلا يقضوا ع المقاومين وكمان يقضوا علينا معهم، وبدهم الناس يعرفونا، بس فشروا، عن نفسي أنا مستعد أوصلهم للمقاومين بس يسيبوني أعيش.

أتذكر مرة واحدة استخدمت الطلقة و(علّمت) دار مطلوب من القسام، بعدها استخدمت الفسفور و علّمت سيارة شباب من المسجد شكيت فيهم من السرايا، تصرفاتهم مريبة وطول الوقت يحكوا بالهمس واللمس، شكلهم مش ناويين يجيبوها لبر، إحنا بدنا الحرب تخلص وهادول لسه بيفكروا وبيخططوا، يا شيخ روح ربنا يشلك إنت وإياه زهقنا من أشكالكو.. وإجمالا أنا بكره تعون السرايا لا هم ماسكين في الدين زي تعون حماس وللا شلط زي تعون فتح يعني مش معروف إلهم لون ولا ملة!

في واحد كان مش داخل مشطي رصدته ورفعته في تقرير، إلا والمسئول بيطلب مني أتصل عليه ع الجوال أحذره يخلي عشان يقصفوا بيته، نعم؟ يخلي؟ أنا بدي ياه يحل عن سمايا، وهادا بده ياه يخلي؟ بدل ما أتصل عليه روحت اتصلت على بيت ابن عمه وحكيت له إخلي البيت راح ينقصف بعد 10 دقائق، وفعلا الطيارة جابت أجله والناس كل فكرهم الضربة جاية لابن عمه وأجت عليه بالغلط لأنه هو كمان من المقاومة، ما هو بيستاهل.

يعني أفهم بكرة لما تخلص الحرب ما هما راح يكوشوا على كل حاجة، كل الدعم راح يجيهم هم ويوزعوه ع الحبايب، تقنعني إنه حماس حتعطي حدا حاجة؟ وللاح تبني لحدا بيت؟ كان أعطتنا بعد 2008 و للا بعد 2012 هادول الله من فوق بس بيقدر لهم!

في شغلتنا بدك تكون زكي ولماح ونشيط كمان، مرة شفت غسيل كتير على شباك شقة، عرفت إنه في نازحين هنا، لما فحرت أكتر عرفت إنهم قرايب واحد كبير، باعت مرته وولاده وهو متخبي في مكان مع صحابه، رنيت على أهل البيت أحكي لهم إنه احنا من المقاومة ويبدو انهم استهدفوا المكان اللي كان الوالد متخبي فيه، وعنا شك إنه لسه عايش يا ريت تتصلوا عليه من طرفكم وتطمنونا عليه، بس خللوا بالكم من العملاء والجواسيس، وفعلا اتصلتْ فيه المدام وكان تلفونها مرصود ومن خلاله تم تحديد مكانه بدقة وتصفيته، والبركة في شركة جوال.

أنا ما حكيت احنا بالعادة بنستخدم شبكة أورانج أو سيليكوم لما بدنا نعمل معروف في الناس ونتصل عليهم نبلغهم يخلو، ولما نتصل على مسئول الخلية نرفع له تقرير..

بالعادة إحنا ما بنحكي كتير، من طرفنا إحنا بنحط أول السطر والناس بترص اللي عندها بسهولة، في السيارة في الشارع في الجامع حتى في المقبرة ع العزا، في النهار وللا في الليل.. يا عمي الناس مكبوتة وبدها تفضفض، كلهم بدهم يخلصوا من الهم هادا بس مش قادرين يحكوا، احنا بنخش لهم عن طريق الكبونة مرة، وعن طريق السؤال عن الشهداء وأحوالهم وأصحابهم ومع مين كانوا ووين راحوا ووين أجوا؟.. ومرة عن طريق ناس تسأل عن بيت للإيجار بس ما يكون حواليه منصات صواريخ ولا مقاومين ولا ناس مطلوبين، والناس بتحكي لي كل شي من خاطرها والله!

أكبر إنجاز حتى الآن كان في (……) ع السلك أكتر من 20 بيت مفخخين كانوا حيعملوا مجزرة في اليهود والله العظيم لو دخلوا اليهود لانقتل منهم ع الأقل 400 جندي، كان روحنا فيها والله كان دمرونا اليهود وحرقوا البلد كلها، ومش بعيد كان نزلوا علينا كيماوي.. مين بده ينجدنا العرب؟ والله والنعم!

بإيدي هادول قصيت الأسلاك تاعت المؤقت وخبرتهم عن البيوت الملغمة واحد واحد فجروها من بعيد ومسحوها مسح بالطيارات، بعدها إذا تتذكروا جمعوا الناس هناك جابوني وأنا لابس كيس على راسي أقولهم مين اللي نصبوا هادي البلاوي، حتى في واحد من القسام كان بيطلّع علي بده يموت ويعرفني، هايو مات وما عرفني شو كسب يعني؟ في واحد تاني شكله لسه شاب صغير ضحكانين عليه أشرت لليهود على منخوره يعني هادا حشاش سيبكوا منه، والله العظيم إني أشفقت عليه عشان تعرفوا إني بأخاف على أولاد بلدي وبدي مصلحتهم بس هم اللي فاهمين غلط

ع العموم أنا حكيت شوية من أفكاري وانجازاتي وياريت تكونوا منصفين في الحكم، على رأي كازم: كن منصفا يا سيدي القاضي.. 

معلش مضطر أروح عندي سهرة الليلة يمكن نلاقي رزقة، بخاطركم!

خالد صافي

خالد صافي مختص في التسويق الرقمي ومدرب خبير في الإعلام الاجتماعي، حاصل على لقب سفير الشباب الفخري من وزير الشباب والرياضة التركية، حاز على جائزة أفضل مدونة عربية لعام 2012 من دويتشه فيله الألمانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Protected by WP Anti Spam
زر الذهاب إلى الأعلى