سوشال ميديا

ما هو دور تيك توك في حراك القدس في شهر رمضان؟

تيك توك:

منصة شبابية يعتبر تطبيقها أحد أكثر التطبيقات التي تم تحميلها في السنوات العشر الماضية على الأجهزة المحمولة، حيث تجاوز  العام الماضي 2 مليار تحميل في جميع أنحاء العالم، ويرجع سبب انتشارها وإدمان شريحة كبيرة عليها إلى ذكاء الخوارزميات التي تعمل بها.

الخوارزميات: معايير دقيقة ومحددة تضعها المنصة لتتحكم في المحتوى الذي سيظهر للمستخدم، وهي عقل المنصة وتؤثر في نجاحها وانتشارها واعتماد المستخدمين عليها وثقتهم بها.
وعادة ما تخفي الشركات آلية عمل الخوارزميات الخاصة بها وتعتبرها من الأسرار غير القابلة للنشر؛ حتى لا يقلدها المنافسون.

كيف تعمل خوارزمية تيك توك؟

مؤخرًا نشرت تيك توك بعضًا من أسرار عمل خوارزميات منصتها..

أنت كمستخدم جديد:

  • عند انضمامك للمنصة لتصفح المحتوى، تستخدم خوارزمية تيك توك تقنية التعليم الآلي لتحديد المحتوى المحتمل أن تتفاعل معه، حيث يعرض عليك التطبيق 8 مقاطع فيديو شهيرة بمواضيع متنوعة لمعرفة المقاطع التي ستتفاعل معها بشكل أكبر.
  • تقيس الخوارزمية تفاعلك مع المقاطع بناء على عدة معايير منها، نوع المحتوى، الموسيقى المستخدمة، والإجراءات التي تتخذها مع المقطع من إعجاب أو تعليق أو تحميل أو مشاركة وكذلك مشاهدتك المقطع حتى النهاية.
  • ومن ثم تجلب المنصة لك مقاطع تتضمن تفاصيل مشابهة مثل الوسوم والتصنيف والموسيقى مع الأخذ بالاعتبار إعدادات الحساب وتفضيل اللغة والبلد ونوع الجهاز.
  • بذا تضمن المنصة بقاءك لأطول فترة ممكنة وبلا أي شعور بالملل.
  • يعمل نظام التوصيات في صفحة (For You) بشكل دوري، إذ أنه في تحسن دائم لفرز كل ما يجذب انتباهك فقد تتحول مع الوقت اهتماماتك، فهو جاهز للتغير معها لإظهار كل ما يناسبك.

أنت كناشر محتوى:

  • بمجرد أن ترفع مقطع فيديو على تيك توك تعرضه الخوارزمية على عدد صغير من المستخدمين بين مقطعي فيديو شائعين، في صفحة (For You) وتقيس المشاهدات والإعجابات والتعليقات والمشاركات والتنزيلات التي حصدها محتواك. 
  • إذا تلقى تفاعلاً جيدًا توسّع المنصة موجة الأشخاص الذين تعرض عليهم الفيديو في موجة ثانية.
  • حسب بعض الخبراء فإن النسبة هي 1 لكل 10 مشاهدات من أجل تشغيل الخوارزمية لعرض الفيديو لعدد أكبر من المستخدمين.
  • إذا حصل الفيديو فجأة على 20% إعجاب في يوم واحد، فسيتم إرساله إلى المزيد من المستخدمين.
  • تأخذ الخوارزمية في الاعتبار التفاعلات على كل مقطع فيديو فردي، بدلاً من ملفك الشخصي ككل، فمقاطع الفيديو الخاصة بك قد تحصل على ملايين المشاهدات، حتى لو كان لديك عدد قليل من المتابعين.
  • من أكثر الأشياء المثيرة للاهتمام حول خوارزمية تيك توك أن مقاطع الفيديو يمكن أن تتمتع بعمر افتراضي أطول بكثير من بقية المنصات الأخرى مثل انستجرام، حيث تراقب خوارزمية تيك توك أداء جميع مقاطع الفيديو باستمرار حتى القديمة منها، وقد تفاجأ بموجة من الإعجابات على فيديو نشرته قبل أسبوعين لم يلق اهتمامًا وقتها.
  • أما ما يميز خوارزمية تيك توك فهو اعتمادها على الموقع الجغرافي، عند بث فيديو لأول مرة، يتم عرضه عادةً للمستخدمين الآخرين في نفس الموقع الجغرافي للبدء بهم، وإذا حصل المقطع على تفاعل أولي رائع في موقعك الجغرافي، فمن المحتمل أن يتم نشره بعد ذلك في (For Your Pages) دوليًا، وفي غضون ساعات قليلة، يمكنك أن تبدأ في تلقي تعليقات وإعجابات جديدة من مستخدمي تيك توك حول العالم.

اقرأ أيضًا: كيف تغلّب تطبيق تِك توك على معظم مواقع التواصل الاجتماعي؟

ولكن ما هو دور تيك توك في حراك القدس في شهر رمضان؟

بعيدًا عن مقص الرقيب على يوتيوب، وتحييد الوسوم على تويتر، وتحديد وصول المحتوى وحجب المنشورات “التحريضية” وإزالة الحسابات النشطة على فيسبوك وشركاه، حظي تيك توك بمرتبة المؤثر الأقوى في حراك القدس، والسر يكمن في صفحة For You.

نشر الشباب مقاطع ترصد وتوثق الانتهاكات الإسرائيلية بحق المقدسيين والمرابطين في القدس مستخدمين إضافات صوتية حماسية مؤثرة.

تشابهت تلك الصوتيات المضافة على المقاطع المرئية فيما بينها مما جعل الخوارزمية تربط بينها في سلسلة من الفيديوهات المتسلسلة لتقدمها كمقاطع مقترحة في صفحة For You للمستخدمين.

تداول النشطاء المقاطع المنشورة بشكل لحظي وتفاعلوا معها مما جعلها في فهم المنصة موضوعات متداولة جغرافيًا بكثرة.

نصحت الخوارزمية بالمحتوى المتداول لعدد كبير من المستخدمين في النطاق الجغرافي المحيط بباب العامود مما جعل المحتوى يتكرر ظهوره أمام المستخدم الواحد مرات عديدة.

في كل مرة تم نشر محتوى من باب العامود تفاعل معه المتابعون بشكل سريع، مما جعل المنصة توسّع رقعة انتشار المحتوى لدوائر جغرافية أوسع حتى امتدت إلى خارج فلسطين في وقت قصير نسبيًا.

الشباب الفلسطيني المرابط في القدس يواجه تعنت وانتهاكات جنود الاحتلال الإسرائيلي

لم يكن الشباب الذين ينشرون المحتوى بحاجة لعدد كبير من المتابعين على حساباتهم لإيصال محتواهم، بل الأهم أن يتشابه المحتوى في الوسم والوصف والموسيقى المضافة والمنطقة الجغرافية لتتكفل الخوارزمية بنشره بشكل فيروسي.

لا تولي خوارزمية تيك توك أهمية كبيرة لكون الحسابات بأسماء حقيقية أو وهمية، الهوية الخفية لأصحاب الحسابات أسهمت بشكل كبير في تشجيع الشباب والناشطين لنشر المحتوى بغزارة بلا خوف من رقابة السلطات الإسرائيلية ومتابعة الجهات الأمنية.

نظرًا لنهم المستخدمين الكبير للمحتوى المنشور عن القدس واستهلاكه في وقت قصير انبرت الخوارزمية في البحث عن محتوى مشابه نُشر في وقت سابق لعرضه للجمهور مما أسهم في جعل حراك القدس الأكثر تداولاً (تريند).

الأعجب أن المنصة نشرت أيضًا المحتوى التحريضي الذي نشره المستوطنون في نفس النطاق الجغرافي، مما جعل الصورة واضحة أمام المتابع عن حقيقة الانتهاكات التي يتعرض لها المرابطون في القدس والتهديدات والعربدة التي يمارسها المستوطنون.

لا ننسى أن الفئة العمرية التي تعرضت لكل تلك الرسائل المكثفة هي الفئة الشابة الثائرة بطبيعتها المتمردة على الاستسلام والرافضة للتطبيع والمهادنة. 

بعض المقاطع حظيت بانتشار لما فيها من حس فكاهي طريف يتناسب مع طريقة تعاطي الجمهور المتواجد على منصة تيك توك

مقاطع أخرى كانت تشفي صدور الشباب المتعطش لانتفاضة وثورة 

ومقاطع أخرى كان يتم فيها تأديب المستوطنين و”رنهم علقة مرتبة”

تلقى المتابعون العرب والمساندون للحق الفلسطيني المحتوى من تيك توك ونشروه بدورهم على حساباتهم على منصات أخرى مما زاد رقعة التأثير عالميًا.

زاد الحراك شعبية وانتشارًا أنه جاء في أيام شهر رمضان الذي تزيد فيه أوقات تواجد المستخدمين على منصات مواقع التواصل الاجتماعي عمومًا وعلى منصة تيك توك تحديدًا..

أخيرًا..

حاول الاحتلال تحييد الرسالة الفلسطينية وتقييد وصولها بالتواطئ مع مدراء شركات مواقع التواصل الاجتماعي لحجب رواية الحق، ظنًا منه أنه قادر على إخماد صوت النخبة من المفكرين والكتّاب على الفضاء الرقمي، فجاءه جيل من الأشبال أساء وجه الاحتلال على منصة صُنعت للهو واللعب والتجارة، فصنع باقتدار انتفاضة التيك توك، جيل فرض معادلة جديدة أزالت البوابات والكاميرات والحواجز والسواتر الحديدية، وأنهت مخططات التقسيم المكاني، وألحقت الذل والعار بجنود الاحتلال..
جيلٌ أساء وجوههم ثلاث مرات..
أتدرون ماذا بعد أن تُساء وجوههم؟

خالد صافي

خالد صافي مختص في التسويق الرقمي ومدرب خبير في الإعلام الاجتماعي، حاصل على لقب سفير الشباب الفخري من وزير الشباب والرياضة التركية، حاز على جائزة أفضل مدونة عربية لعام 2012 من دويتشه فيله الألمانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Protected by WP Anti Spam
شاهد أيضًا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى